الأربعاء، 27 يوليو 2011

مدونة تكِرمن .

ازدانت المدونات الألكترونية بمولود جديد هو مدونة تكِرمن التي نحتفي بها في هذا العالم الافتراضي الجميل , لقد قدمت على قصر المدة التي قضتها , أخبار و تحاليل جيدة و مميزة بالإضافة إلى مجموعة مقالات و تحليلات لأستاذنا سيدي محمد ولد متالي كساساته المشهورة " مرايا قاتمة " التي مازالت تقدم لنا الهم الوطني الذي يعيشه المواطن البسيط بطريقة أدبية رائدة , كذلك السلسلة الجديدة " شخصيات من تكرمن " التي قدم فيها شخصيات طالما غلفها غبار النسيان و الاهمال و أتكيدي في أبهى صوره .
    هنيئا لكل المهتمين و القارئين الايكيديين بهذه المدونة التي  تزدان بها مدونات المنطقة .http://tegramen.blogspot.com/

الأحد، 17 أبريل 2011

إيكِيديات .

من رائع العالم و الولي و الأديب محمد ولد أحمديورة :

  على الربع بالمدروم أيه و حيــــــــــــــــــــــــــــــه       =          و إن كان لا يدري جواب المؤيــــــــــــــــــــــــه
  و قفت به جذلان نفس  كأنمـــــــــــــــــــــــــــــــــــا      =         و قفت به على ليلاه  و ميـــــــــــــــــــــــــــــــــــه
 فقلت لخل طالما قد صحبتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه      =         و أدنيته من دون خلان حيـــــــــــــــــــــــــــــــــــه
 أعني بصوب الدمع من بعد صونـــــــــــــــــــــــــه      =         و نشر سرير الحب من بعد طيـــــــــــــــــــــــــــــه
فما أنت خل المرء في حال رشـــــــــــــــــــــــــده        =         إذا أنت لست الخل في حال غيــــــــــــــــــــــــــــــــه

الخميس، 14 أبريل 2011

يتميز أهل إيكِيدي في شعرهم بمحاولة الإختصار , و تقديم السهل الممتنع و المختصر الذي يحمل الكثير من المعاني و الإيحات , يقول أبوه ول لسياد في لزومياته الشهيرة عن ( بلشان ) و هي إحدى آبار إيكِيدي :

   يا درة خلتها درا و مرجانا            =         لا تقطعي من حبال الوصل مرجانا
  غراء ما إن يرى أسنانها ورع        =         إلا و بات من الشيطان وسنــــا نــــا
 كانت ببلشان قبل النأي فارتحلت      =         فما زاد ذا بلشان بل    شــــــــــا نـــا

الثورات العربية وسقوط الإيديولوجيات .

الثورات العربية و سقوط الإيديولوجيات .


لا يمكن لنا أن نلم بجميع الدروس المستخلصة من الثورات العربية الشبابية الجديدة , نتيجة للخط الذي سلكته , و نتيجة حالة الذهول الشديد الذي أصابنا جميعا , و أصاب الأنظمة معا , حتى الدوائر الاستخباراتية الغربية لم تستطع أن تتنبأ بما وقع في تونس أو مصر . إلا أن النخب السياسية كذلك لم تستوعب الثورات و لم تتوقعها , و صارت تلهث وراء الأحداث بدل التحكم فيها و توجيهها , و قد شمل هذا جميع التيارات الإيديولوجية في الوطن العربي ( الماركسيون , الليبراليون , القوميون , الإسلاميون ) .لقد أدهشت هذه الثورات الجميع , بتنظيمها و وعيها و عقلانيتها , فقد نجحت في ما فشلت فيه هذه النخب طيلة قرن من الزمن . فما السر في ذلك ؟

لقد سيطرت على العالم العربي منذو فترات الاستقلال حكومات تحولت مع الزمن إلى ديكتاتوريات مستبدة و فاسدة , أجهضت جميع مشاريع التنمية في الوطن العربي . فقد رفعت شعارات الحرية و الوحدة , و تحرير فلسطين , و محاربة المستعمر و الرجعية , و أهملت المشاريع التنموية , فلم تحارب الأمية و الجهل المسيطرين على الشعوب و لم تهتم لا بالصحة ولا بالتعليم ولا بالزراعة .. لقد فشلت جميع الخطط الخمسية و تحولت إلى عشرية أو عشرينية دون جدوى .و مع ذلك لم تحقق هذه الحكومات ما رفعته من شعارات .

في خضم ذلك ظهرت تيارات سياسية و إيديولوجية معارضة لهذه الحكومات تحاول تقديم حلول لما تعاني منه هذه الشعوب و لكن إعتمادا على رؤى إيديولوجية مختلفة و في الغالب انطلاقا من رؤية أو تجربة سابقة تحاول تطبيقها على هذه الشعوب . و ظلت هذه التيارات بعيدة عن الواقع الذي تحاول تغييره و لم تستطع أن تعبر عن آمال و آلام شعوبها . فلم تستطع أن تقدم بديلا موثوقا به لهذه الأحكام التي زاوجت بين الإستبداد و الفساد و خداع شعوبها و اللعب بآماله و تقديم الوعود الكاذبة له فترة بعد أخرى .

و عندمالم تعد الشعوب قادرة على إحتمال ما تتعرض له من إهانة و قمع و سرقة خيراتها , انبرت مجموعة من الشباب الوطني الواعي , فقامت بثورات في عدة بلدان عربية , نجحت في بعضها و مازات تحارب في البعض الآخر , تلك هي ما يصطلح عليها بثورات الفيس بوك و تويتر .

لقد لعبت الاتصالات و التقنيات الجديدة دورا مهما في هذه الثورات , و لكنها ليست هي الاساس فيها , فالفيس بوك لم تخرج إلى الشارع و تتسور بصدور عارية أمام دبابات و مدرعات الأنظمة , و فيس بوك لم تتحمل البرد القارس و المطر في الشارع .. بل هو الشباب العربي البطل الذي لم يهتم يوما بالسياسة و لم ينتم لأي حزب أو تنظيم , بل كان اهتمامه منصبا على الفن و الكرة أكثر من السياسة , و مع ذلك عندما ثار أعطى الجميع دروسا جديدة في الثورة , فنجح حيث فشل السياسيون و المثقفون , و أدار ثورته بطريقة جيدة مكنته من تحقيق أكثر من ما خرج إلى الشارع من أجله. لقد استطاع الشباب ان يرفعوا شعارات بسيطة , و قابلة للتحقق و يتفق عليها الجميع , و لم تكن سياسية و لا إيديولوجية , بل إن ما ميز ثورة الشباب هي أنهم كانوا بعيدين عن التيارات السياسية و لم يقبلوا تدخل هذه التيارات أو توجيهها أو محاولة ركوبها لثوراتهم , حتى بدت هذه التيارات في نفس الخانة مع الانظمة , فلم تستطع رغم كل محاولاتها القفز على مطالب الشباب أو التأثير فيها , بل أصبحت تابعة لموجة التغيير الجديد و منها من حاول يائسا مسايرة هذة الثورات , و مع ذلك لم تستطع النخب السياسية قيادة المد الثوري الجديد , ولم تقم بالدور الريادي الذي كان عليها أن تقوم به .

أصبحت التيارات السياسية و الحكومات في خانة واحدة , و ذلك نتيجة ابتعادها عن الشباب و عدم اهتمامها بمشاكله و آرائه و عدم فهمها لآليات الخطاب السياسي الجديد , و التي تقوم على معرفة التقنيات الجديدة , و مسايرة التقدم الحاصل فيها , وتطوير الخطاب الإيديولوجي لهذه التيارات السياسية حتى يلامس المشاكل المعيشية للمواطن و حتى يهتم بآمال هذا الشباب و آلامه و يعبر عنها .

فعلى الحكومات حيث كانت أن تعرف أنها ليست بمنأى عن ثورات الكرامة و الحرية , ما دامت تمارسة المسلكيات القديمة من فساد و ظلم و كبت الحريات , فهذا لم يعد ممكنا في تاريخنا الحديث و لم تعد الشعوب مستعدة للسكوت على الضيم و الفساد , فمن لم يتغير سيجرفه التيار إن عاجلا أم آجلا .

و على التيارات السياسية التي كانت تنشط في الساحة أن تغير خطابها و تحاول مسايرة الركب بتبينيها لخطاب جديد , يتجنب الخطاب الإيديولوجي النظري , و يتجنب الشعارات البراقة .. فيعبر عن مشاكل المواطن البسيط , و عن همه اليومي , فيكافح الفساد المستشري في الأنظمة , و القبضة الحديدية التي تدار بها الشعوب , و كل المسلكيات البائدة . فإن لم تساير المد الثوري فإنها ستكون مثل الأنظمة التي لم تستفد من ما وقع قريبا منها .

إن جميع الخطابات الإيديولوجية التي تنشط في العالم العربي دون استثناء لم تستطع أن تتحكم في المد الثوري الجديد , و ذلك لأنها كانت بعيدة عن هموم المواطن البسيط التي تقض مضجعه , و كانت تنشغل بنقاشات طوباوية بعيدة عن فهم هذا المواطن , و لذلك عندما ثار لم يعلق عليها أي أمل ’ لأنها أخفقت دوما في تقديم بديل جدي لهذه الأنظمة , بل عانت مما تعاني منه هذه الانظمة , فاصبحت الوجه الثاني لنفس العملة .







الخميس، 27 مايو 2010

شخصيات من إيكيدي .


حبيب ولد محفوظ



حين رأى الفرنسيون أن مركز " اخروفه " لم يعد آمنا من هجمات المقاومة كانت المذرذره البديل فأقاموا فى " ذات التساقط " سنة 1907 مركزا عسكريا وإداريا ، تقوم المذرذره بين النجد و الغور " العلب والگود" و عرفت قديما باسم الصنگه ويقال إن أصل التسمية الصنگه فرنسي " Cent gas " أي مائة. شخص ، أسس بها الفرنسيون "مدرسة فولانفان للبنين" " Ecole de Garçons M. Follenfant "، التى درس بها أغلب أعيان البلد أبرزهم النائبان أحمدو ولد حرمة وسيد المختار ولد يحيى انجاي .. وشيدوا بها السجن المعروف بـ " كَصُـو " الذى سجن به الكثير من الأعيان أبرزهم امحمد ولد أحمد يوره وكان امحمد ولد هدار يتفيأ ظله صباحا حيث تعلم عليه الشيخ ولد مكي " لغن " ، وإلى مدينة المذرذرة نفت السلطات الاستعمارية الفرنسية الشيخ حماه الله سنة 1926 فقضى بها أربع سنوات وقد نقلوه منها سنة 1930 ، تنقسم مقاطعة المذرذرة في الوقت الراهن إلى خمس بلديات هي: المذرذرة نفسها وبلدية التا گلالت وبلدية ابير التورس وبلدية الخط وبلدية تكنت ، تأسست بها إمارة الترارزة أواسط القرن السابع عشر الميلادي على يد الأميرأحمد بن دمان وعرفت أمراء أفذاذ مثل هدي واعل شنظوره و محمد لحبيب ، وأحمد سالم بن اعلي " بياد " وأحمد ولد الديد ، ظهرت بالمذرذة بها محاظر مهمة كان لها إشعاعها وعرفت قامات علمية سامقة كان لها تأثيرها مثل أحمد بن العاقل وأشفغ لمين ومحنض بابه بن اعبيد ومحمد اليدالي و المختار بن ألما وأحمد البدوي والمختار بن ابلول والشيخ سعد بوه القلقمي .. كما أنجبت أسرا فنية عريقة كأهل مانو وأهل الميداح " أعمر ولد مانو" وأهل انگذي و أهل الببان وأهل اشويخ .. وتعتبر المذرذره هي عاصمة لصقع إيگيدي

و" إِگِـئْـذِ " بالصنهاجية تعني الآبار الطوال بعيدة الماء لينة التراب سريعة الإنهدام وإيگيدي استوطنته مجموعة " تشمشه " منذ قديم الزمان فكان الحاضن لكيانها والمنظم لمنظومة قيمهما المعروفة باتگيدي ،ويتماهي اتكيدي مع الديمين الذى تؤسس له مأثورات منها أن : " استدمين ثلثين منُّ السَّبْلَ و الثلث لَوْخَرْ الاَّ السّبلَ ، ولِمْرُوَّ تَعْكَبْ الصبر , والكذب احرام والحگ ماينگالْ ,و إلِّ گالْ إل فاخلاگ ما يگ فأخلاگُ شِ " ، مالاهي يخْسرْ شِ ويلا اخسرْشِ ما اخْسرْ شِ".

يقال لطبع أهل إيگيدي طبع مُضَّغ القتاد ويقول بداه ولد البصيري رحمه الله لأمر يحتاج التؤدة : " هاذ لابدَالُ من حد گط اسَّـدَّرْ ف " ايروار " يقصد القتاد ، و قد تميزت هذه المنطقة باعتدال المناخ و انتظام المواسم فهي متاخمة للمنطقة الساحلية المنفتحة على المحيط الأطلسي غربا و يحدها من الجنوب نهر السنغال و تطل عليها مشارف الصحراء شمالا فهي متصلة بالمنافذ التي تمر بها المعاملات التجارية و تتوفر فيها تنمية المواشي بأنواعها لما فيها من الماء العذب و الكلأ الطيب و المناخ الصحي و تزخر بغابات القتاد ذات الصمغ العربي و هي أيضا متاخمة للمناطق الزراعية الممتدة على ضفاف نهر السنغال و تستفيد من الممالح المتوفرة بكثرة على المحيط الأطلسي ، ويوصف إيگيدي بأنه على شكل سمكة تمتد من المذرذره و بوسدرة جنوبا إلى إلى تندكسم و تندْ أعمر " احسي السعادة " شمالا ومن تنيخلف شرقا حيث استكف بالغاب العرا إلى بو نبيبيقه غربا إلى تنچغماماچك وآمنيگير في الشمال الشرقي إلى تمغرت في الشمال الغربي ، هو على قسمين في قسمه الشمالي ينبت شجر السيال الطلح و في قسمه الجنوبي ينبت شجر القتاد أيروار و أما من ناحية التضاريس فهو سهل منخفض المستوى تتخلله كثبان ثابتة تفصلها كهوف و وهاد متفاوتة في العمق و الاتساع ,

سيد ولد محفوظ رجل من قبيلة " الگرع " نشأ فى منطقة الساحل وكان من رجال قليلين هم نواة الدرك الوطني الأولى ، قدم إلى إيگيدي واستوطن فى قرية انيفرار " أحسي ميلود " حيث أحياء بني أعمر إديقب من " إدابهم " تزوج سيد ولد محفوظ إمرأة من أولاد أحمد من دمان رزق منها بوم 10 سبتمبر 1960 بطفل وديع سماه لفرط حبه " حبيب " شب وترعرع فى قلب إيگيدي " انيفرار " كان ثلاثي الأبعاد بعد ساحلي الصراحة والتحمل " الگرع " وبعد مغفري قوامه الحيوية والعفوية " أولاد أحمد من دمان " وبعد إيگيدي عمق الغور والرفق وحسن الخلق " إدابهم " ، تزوجت جدته بالشيخ عبد الفتاح ولد الشيخ أحمد للفالي الأبهمي وكان رجلا وجيها فى قومه مهابا واسع التأثير والإفادة في مجتمعه ينصح ويوجه ويسهم في معالجة القضايا وكان ضليعا فى علوم الشرع وكان يعمل فى التعليم النظامي مدرسا فرباه على يده كولده حيث لم يرزق الشيخ عبد الفتاح بالولد ، كان حبيب يتماهى سلوكا وسمتا مع الشيخ عبد الفتاح تماهيا يحسه الوجدان و لاتخطئه العين وقد تلقب بلقبه فكان يلقب بلقب عبد الفتاح " بدَّاح " ، ظهرت على الطفل حبيب مخايل الذكاء وعلامات النجابة و النبوغ ، درس فى مدرسة انيفرار تحت خيمة ، كان معلمه الأول هو الأديب محمد ولد باگا وكان كتابه الأول هو كتاب لاروس " Larousse " الذى جلبه له والده سيد ولد محفوظ ، كان يدرس معه أطفال من أهل " الدوشلية " وكان الطفل حبيب يراهم يذهبون إلى " الدوشلية " التى تبعد عنهم حوالي أربعة كيلومترا ، فيتمنى استغفال " الجد بداح " والذهاب معهم ليرياد ذلك الأفق البعيد فلكم أغرته تلك المغامرة ، مما سيجعله لاحقا يتنقل بين المذرذرة وبوتلميت وبين انيفرار و آشكركط وبوحفره وآبكاك وانياركن والمنار والعارف و امببه وبلشان وجانِ جايْ وبودفيَ وآمنيگير وانْيگننْ وتگرمنت وأبكاك وايكيكَه وانتوطفين وانتوفكت و الگِـلِّي والنمجاط وتنيخلف و بقاس و تنچغماماچك وتندكَسم واسبيخات آوليگات واحسي السعادة والتاگلالت وادوشليّ وباجليلاي وابير التورس و المحرد وانهكارَ و احسي ارحاحله وانبيكت النص و الحرث و احسي ابراهيم و تندغيسات وصولا إلى تگند الجديدة واحسي المختار، شرقا إلى الخط انعيمات واحسي ابيليل والتوفيق إلى برويت غرب ايكيدي: الشارات والرشوش لكراع لحمرو باگوينيتَ وصولا إلى لگوارب إى الكيلومتر 10 و16 والعايدي وانديجه و تنوراتن ولبيرد وانتارش والتوفيق وانولكي وبمبري واعويفي َوامبوس وآمنيدير واحسي عمّار والمبروك وايْشايَ و احسي بلَّ و إنوار و تندهاتَ واحسي ول اندري " المشكور " واحسي الغسالات و الصفا و تيكماطين واحسي اجدعه والخوارة ونبكت لكباش وتگند انخل .. ، فى نهاية الستينات انتقل حبيب إلى المذرذره لإكمال دراسته ، نجح فى " le concours "مسابقة دخول السنة الأولى من الإعدادية فى شهر يونيو 1972 ، وانتقل إلى انواكشوط و درس فى إعدادية البنين بالعاصمة فكان ظاهرة فريدة لازال رفاقه يذكرون ذلك الطفل الظاهرة والذى كان يأخذ العلامة الأولى فى الأدب والأخيرة فى الرياضيات ، ذلك الفتى الذى كان يكتب عشرات السطور دون أي خطإ إملائي واحد ويقرأ قصائد عدة دون أن يلحن ، كتب ذلك الفتى مقالات كان منها مقال أكثرمن رائع نشر فى ملحق يومية الشعب بعنوان رسالة إلى جمل " " Lettre à un chameau ، وكان الأساتذة يلقبونه " فيكتور هيكو " فى السنة الثالثة إعدادية كتب قصيدة حازت على إعجاب الأساتذة وأدرجها المعهد التربوي الوطني ضمن المناهج الأدبية المدرسية ، أنشأ مع زملائه أحمد ولد علي ، ألمين ولد محمد باب ، محمد فال ولد عمير جريدة حملت إسم " Al Anba " والتى وإن كانت جريدة مدرسية إلا أنها حققت انتشارا واسعا فى الأوساط الثقافية

فى يونيو 1976 حصل حبيب " بَدَّاح " على شهادة ختم الدروس الإعدادية " brevet " بإمتياز ، ودخل الثانوية الوطنية ليحصل بعد ثلاث سنوات على شهادة الباكالوريا فى الآداب العصرية الشعبة المزدوجة بتفوق وحصل على منحة دراسية لدراسة السينما فى " آلما – آتا " بكازاخستان رفض " بَدَّاح " تلك المنحة ودخل المدرسة العليا لتكوين الأساتذة " ENS " وتخرج منها بعد سنتين بدبلوم الكفاءة وعين أستاذا فى مدينة لعيون كانت سنوات العيون الأربع فرصة لـ " بَدَّاحْ " ليكتشف البعد الرابع من ثقافة البظان ثقافة " الشرگ " تلك الثقافة الثرية بمدارسها المختلفة ، عرف الأمكنة والأزمنة والتاريخ ومافتئ يعد تلك التجربة من أغنى تجاربه

سنة 1987 حول " بداح " إلى انواكشوط ، ثم انتقل للتدريس فى انواذيب وفى سنة 1988 كتب فى مجلة موريتانيا الغد " Maurtanie-Demain " سنة 1991 مع بداية العهد الديمقراطي بدأولد الطايع باستمالة رؤساء القبائل وأعطى كل رئيس سيارة دفع رباعي من نوع تويوتا كتب " بداح " عن ظاهرة " Toyotaya " تويوطايع ، تم نقله سنة 1991 من انواكشوط إلى أطار ، فى نفس السنة تم إنشاء صحيفة " البيان – al bayane" استدعى الأصدقاء " بَداحْ " فكان على وعد الهوى جسورا صدع بالحق وجعل الدكتاتورية على السفود ، حين اتخذ ولد الطايع شعار :

"le changement dans la stabilité " التغيير فى ظل الإستقرار ، كتب حبيب ساخرا عن :

le changement dans la stayabilité .

غادر " بَدّاح " البيان " مع زملائه بعد أن تراجع مديرها آنذاك عن الخط التحريري الذي انتهجوه منذ البداية وأسس " فى يوليو 1993 صحيفة " القلم - le Calame " واسعة الإنتشار والتى اشتهرت من خلال عموده الأسبوعي " موريتانيد - Mauritanides " منعت القلم من النشر ثلاث مرات وتمت مصادرتها 34 مرة ، فلم يزد ذلك أهلها إلا إصرارا على مقارعة الظلم والإستبداد ، نال حبيب سنة 1995 جائزة حرية التعبير من قبل " تريبيون" فى جنيف " سويسرا "

يقول الإمام بداه رحمه الله عن ولد عدود رحمه الله : إنه فتىً ماشئتَه ، وحبيب ولد محفوظ رحمه الله فتىً ماشئتَه ، تشبع حدثا بأخلاق أهل إيكيدي فكان مرهف الحس موطأ الأكناف حسن السجايا عبقريا لايعيد نفسه بل كل يوم يأتي بجديد كان منجما من النبل والوداعة و كان ضليعا فى لغة موليير أوتيّ ملكوتها وعرف أسرارحروفها وغريبها فكان ينام ملئ جفونه عن شوارها في حين يسهر الخلق جراها ويختصم كان يمتلك فى كتاباته أسلوبا يجمع بين بلاغة الشاعر ودقة الفنان وسخرية الناقد ، فكان يكتب السهل الممتنع من لغة القوم وكان ضليعا فى الفلسفة والتاريخ والأدب وثقافة البظان كان موسوعة بمعنى الكلمة يحفظ " إغنَ ولد أحمد يوره " وولد حامد وول مكي و ...

كان معاوية رغم استيائه من كتابات حبيب يحرص على قراءته كما يقال وله طقوس خاصة كان يبعث مدير تشريفاته ملعينين ولد التومي لجلب " القلم " يجلس على مكتبه يضع علبة سجائر " الدنهيل " ويطلب قهوة ويجلس يدخن فى صمت ويمتص بأهدابه انحناءات ريشة " بَدَّاح" يقطب أحيانا ويغرق فى الضحك أحيانا ويتمى لو طال المقال .

كان حبيب فى مقاله " موريتانيد " كثيرا ما ينتقد ولد الطايع بأسلوب مضحك على أساس أن شر البلية مايضحك _ ومثلك يؤتى منِ بلاد بعيدة = ليضحك ربات الحداد البواكيا ، يتحدث عن ولد الطايع وهو يدخل إلى مطعم " افريسكو" وهو مطعم لبناني يقع جنب المركز الثقافى السوري فى العاصمة قبل انتقاله إلى تفرغ زينه فى التسعينات يتناول ولد الطايع وجبة الفطور .. ، عندما يتحدث ولد الطايع عن موريتانيا وازدهارها يكتب حبيب : أن هنالك موريتانيا أخرى موازية لا نراها؛ ربما هي التي كانت تعنيها قيادتنا الوطنية .. ، ويقول إن الحزب الجمهوري كان أقرب للحزب الوحيد في الأنظمة الشمولية، ولم يكن من المستغرب أن تماثل تركيبته وقاعدته التنظيمية قاعدة وتركيبة " حزب الشعب الموريتاني " و "هياكل تهذيب الجماهير" ولعل تشابه هذه السمات جعل له خاصيتين ينفرد بهما، هما :- كونه قد سبق وجوده ماهيته "على لغة الفلاسفة الوجوديين" - وكونه الحزب السياسي الوحيد في العالم الذي لا يقوم بعمل سياسي " باعتباره حزب السلطة " ، كان يسخر من ظاهرة عدم الإستقرار السياسي ويطلق على تعاقب الرؤساء " الرؤساء الرحل " على غرار البدو الرحل ، من مقولاته : إن الوزير عندنا لا بد أن يكون شخصا نكرة حتى يطمئن سيده ، وقولته المشهورة : "الحرية لا تبلى إلا إذا لم تستخدم".

كثيرا ما ضحك " بداح من حوارذلك الرجل مع الرحالة الفرنسي " سانت اكسبيري " الذى زار المنتبذ القصي فى نهاية الثلاثينات من القرن الماضي وبسبب عطب فني اضطُر لإنزال طائرته في عمق صحراء المنتبذ القصي وبعد فترة من الوحدة والإنتظار مر عليه رجل على دابته متجها لجلب الملح آنسه وقام بمساعدته إلا أن اكسبيري لاحظ أن الرجل لم تثر الطائرة اهتمامه فقال له مزهوا : هل تعرف أني بهذه الأداة الضخمة أطوي من المسافة في ساعتين ما تحتاج أنتَ لقطعه إلى ستة أشهر؟ حينها رد الرجل دون كبير اهتمام بالطائرة:

- وفي بقية الأشهر الستة ما ذا تفعل ؟ - ذلك ما يسميه الباحث "تيودور مونو" "الزمن الكوني " زمن المنتبذ القصي - وفى البحث عن الطريقة التى تفاهم بها الرجلان فإن سانت اكسبيري لا يُرجَّح أن يكون يعرف العربية = الحسانية ومن هنا فالراجح هوأن يكون الرجل يعرف الاثني عشر فعلا التي يقول " بَداحْ " إنها كانت ميزة ظهور الفرانكفونية الموريتانية وسببا أصليا في سوء تفاهم أوربي موريتاني مستديم؟

حبيب هو رائد الصحافة الحرة فى المنتبذ الفصي وكان يملك مقومات الريادة من الجراءة والتواضع والصدق وكان أبا الصحافة الحرة وحاضن جيلها كان يأخذ بيد الجميع ويعلم الجميع ويضع معالم الطريق على درب الحرية

حين أمعن نظام ولد الطايع فى مضايقة الفنانة المعلومة بنت الميداح أنشأ حبيب " نادي أصدقاء المعلومة " ضم المحامى لو گورمو و حبيب ولد همت والكثير من المثقفين وقفوا مناهضين لظلمها مناصيرين لها مما شكل دعما معنويا كبيرا لها ، وقف حبيب من أحداث 1989 موقفا عادلا ووقف ضد تعذيب السجناء السياسيين وتصفيتهم وناصر جميع القضايا العادلة

لم ينل حبيب حقه من التكريم فى بلده رغم أنه كرم فى الخارج أكثر من مرة بل الأنكى والأمر أن يساء إلى ذكراه بوسم موقع للبشمرگه محسوب على محسن ولد الحاج بإسم عموده الخالد " موريتانيد " لكن ليس كل سمي مثل سميه ، يجب جمع أعمال الراحل وترجمتها وإنشاء جائزة بإسمه أو تسمية جامعة أو حتى مدرج بإسمه على الأقل .

لقد قررالإتحاد الأوروبي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يحتفل به في 3 مايو من كل عام منح جائزة لحرية الصحافة وتعزيز الديمقراطية تحمل إسمه , تمنح لكل صحافي موريتاني.يساهم بشكل ملموس في تعزيز حرية التعبير والديمقراطية في المنتبذ القصي ، وتتشكل لجنة التحكيم من كل سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية للإتحاد الأوروبي لدى نواكشوط ، هذه خطوة تذكر لهم فتشكر .



فى الساعة العاشرة والنصف مساء الخميس 31 أكتوبر 2001 أسلم حبيب ولد محفوظ الروح بعد معاناة مع المرض فى مستشفى الرب فى باريس ، وبرحيله فقدت موريتانيا أحد ألمع أبنائها وخسرت الصحافة الحرة أحد أهم أساطينها ، خلف المرحوم حبيب من زوجته تغلة بنت اعبيد اللَّ ثلاث بنات هن : توت و بد وكلثم

ستحدثهن أمهن بلا شك كيف كان والدهن رحمه الله



كامل الود



ِ

للمزيد من مواضيعي





الموضوع الأصلي : حبيب ولد محفوظ -

- المصدر : المشهد الموريتاني -

- الكاتب : x ould xy







إيكيديات .

من إخوانيات أهل إيكيدي الشائعة الثناء الذي يقوم به البعض على أخلاق و مكارم البعض , دون المغالاة في المديح الممجوج أو الإطناب في اوصاف المخاطب , تجانسا مع الشائع عندهم من اعتماد المز و التورية , و من أمثلة ذلك الابيات التالية للحسين ولد محنض يخاطب فيها المرحوم حبيب ولد محفوظ : لله در حبيب لست موفيه مقداره الفذ مهما قلته فيه العبقرية فيه ليس ينكرها شخص و حسن السجايا ليس ينفيه و ما تراني أبديه و أذكره مما أراه تراه هو يخفيه و ليس ذاك بالأمر الغريب على أبناء غور إيكيدي أو فيافيه

الخميس، 10 ديسمبر 2009

إستفتاح .

بسم الله الرحمن الرحيم بتوفيق الله و منه نفتتح هذه المدونة المسماة ( إكيدي ) و التي نرجو لها التوفيق في تقديم صورة ولو مبتسرة عن هذا الحيز الجغرافي المتميز بأهله و بثقافته و بأخلاقه حتى صار ( أتكيدي ) الذي هو نسبة إلى إكيدي بطلق على كل ذي خلق فاضل . سنخصص مقالات تعريفية بإكيدي و أهله و ثقافته و لمحات من تاريخه _ إن شاء الله _ إلا أننا قبل ذلك نوجه نداء إلى كل أبناء إكيدي و المهتمين به إلى مشاركتنا هذه المدونة . الحيز الجعرافي الضيق سوف لن يحجب عنا الوطن في شساعته و اختلافه و ترامي اطرافه , فبعونكم سنهتم بوطننا في مختلف تمظهراته : في سياسته , و ثقافته , و تاريخه , و أدبه . إنها مدونتكم فبكم ترتقي و تتميز , و من خلالكم , نقدم ثقافتنا و حضارتنا و أدبنا و أخلاقنا و نمط عيشنا إلى العالم , في رؤية موضوعية علمية نزيهة .